أخبار وتقارير

التقرير السنوي لـ«شبكة علماء في خطر»: التعليم العالي في مرمى 391 هجومًا حول العالم

أصدر برنامج «مراقبة الحريات الأكاديمية» التابع لشبكة «علماء في خطر»، اليوم (الثلاثاء)، تقريره السنوي المعنون: «حرية التفكير 2022»، والذي يسلط الضوء على «عام من الهجمات على التعليم العالي».

يستكشف التقرير اتجاهات الهجمات على مجتمعات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم، بهدف زيادة الوعي، وحث الجهات المعنية المختلفة، الحكومية وغير الحكومية، على توحيد الجهود في سبيل حماية وتعزيز الحريات الأكاديمية.

مع تفاقم الوضع سوءًا بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان في آب/ أغسطس 2021، يوثق تقرير هذا العام، 391 هجومًا على مؤسسات ومجتمعات التعليم العالي في 65 دولة وإقليم، في الفترة من 1 أيلول/ سبتمبر 2021 إلى 31 آب/ أغسطس 2022. وتُعزى معظم هذه الهجمات، بشكل رئيسي، إلى النزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية، ممّا يعرّض مجتمعات التعليم العالي للخطر، ويعطل النشاط الأكاديمي، ويقوض الحريات الأكاديمية، والاستقلال المؤسسي، والقيم الجامعية الأخرى، بشدة.

الهجمات مشكلة عالمية

يذكر التقرير أن الحرب الروسية- الأوكرانية أسفرت عن عواقب «وخيمة» على التعليم العالي في البلدين، حيث أجبر الغزو عددًا لا يحصى من العلماء والطلاب على الفرار، داخليًا وخارجيًا، بينما ألحق القصف والغارات الجوية أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية للتعليم العالي والبحث العلمي في أوكرانيا.

في أفغانستان، أدى استيلاء حركة طالبان على البلاد، إلى قلب إنجازات عقدين من التقدم في مجال التعليم العالي، حيث فرضت سلطات الأمر الواقع الجديدة، سياسات وممارسات منهجية، حرمت الطالبات والباحثات من حقوقهن في التعليم والحرية الأكاديمية، بحسب التقرير. كما فصلت الجامعات، التي تسيطر عليها الحركة، الموظفين الأكاديميين والإداريين بشكل تعسفي، لأسباب عرقية في بعض الأحيان.

إلى جانب قيود الحركة طويلة الأمد، المتمثلة في نقاط التفتيش، وتصاريح السفر المفروضة على جميع الفلسطينيين، بمن فيهم الأكاديميون، فرضت الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا تستهدف المجتمع الأكاديمي العالمي.

في بيانٍ صحافي، تلقى «الفنار للإعلام» نسخة منه، قال روبرت كوين، المدير التنفيذي المؤسس لشبكة «علماء في خطر»: «خلال العام الماضي، عانت مجتمعات التعليم العالي في جميع أنحاء العالم من هجمات متنوعة ومدمرة، تتراوح بين قمع طالبان للعلماء والطلاب في أفغانستان، وتدمير القوات الروسية للبنية التحتية للجامعات الأوكرانية، فضلًا عن القيود التي تفرضها إسرائيل على سفر الأكاديميين إلى الضفة الغربية، وجهود المشرعين الأمريكيين لتقييد النقاش في الحرم الجامعي».

وأضاف «كوين» أن لهذه الهجمات عواقب مميتة من شأنها أن تنهي الحياة المهنية للعلماء والطلاب. وقال إنهم يعرضون المجتمع ككل للخطر، من خلال تقويض القدرة الفريدة للتعليم العالي على دفع التقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي الذي نستفيد منه جميعًا، مشددًا على وجوب أن تتوقف هذه الهجمات.

وبينما تكثر الهجمات على الحريات الأكاديمية في المجتمعات المغلقة، حيث يتم قمع الحق في التفكير، والتحدث بحرية، بشكل روتيني، يوضح التقرير أن مثل هذه الهجمات تحدث أيضًا في مجتمعات أكثر انفتاحًا وديمقراطية واستقرارًا، مما لا يترك أي بلد في مأمن من تهديدها. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تعرضت الكليات والجامعات السوداء تاريخيا (HBCUs) في جميع أنحاء البلاد لتهديدات بالقنابل بداية من أوائل عام 2022، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في النشاط الأكاديمي، وترك الطلاب في حالة من الصدمات والقلق والتوتر.

مشكلات مسكوت عنها

وأشارت شبكة «علماء في خطر» (SAR) إلى أن الـ 391 هجومًا المُبلغ عنها هذا العام، لا تمثل سوى جزءًا بسيطا من العدد الإجمالي للهجمات التي يعتقد باحثوها بحدوثها خلال فترة الرصد. ودعت الشبكة إلى مزيد من الاهتمام بهذه القضية من قبل الدول، والمنظمات، وقادة التعليم العالي، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني.

تشمل الهجمات الأفعال المتعمدة المؤدية إلى موت غير مشروع، أو أذى جسدي، أو فقدان الحرية، أو فرض القيود على سفر الأكاديميين، أو فقدان المكانة المهنية أو الأكاديمية، أو ما يسفر عن تدمير، أو إتلاف، أو إغلاق، أو الاستيلاء على مؤسسات، أو مرافق، أو معدات التعليم العالي.

القتل والعنف والاختفاء

منذ انطلاق مشروع «مراقبة الحريات الأكاديمية» في عام 2011، سجلت شبكة «علماء في خطر» 831 هجومًا عنيفًا، بما في ذلك 181 هجومًا، حدثت خلال الفترة المشمولة في هذا التقرير. وتشمل تلك الهجمات العنيفة أحداثًا في الكاميرون، ونيجيريا، وباكستان، وأفغانستان، ونيجيريا، وكولومبيا، والهند، وأيرلندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وليسوتو.

ووسط تصاعد التوترات بين القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة، أشار التقرير إلى الغارات الجوية الإسرائيلية، في 5 آب/ أغسطس 2022، التي ألحقت أضرارًا بفرع جامعة القدس المفتوحة في شمال غزة، فضلاً عن إصابة المئات وقتل العديد من الطلاب.

الحبس والملاحقات القضائية غير المشروعة

ووثق تقرير هذا العام 83 حادثة سجن، أو ملاحقة قضائية غير مشروعة، من إجمالي 786 حالة، وثقتها شبكة «علماء في خطر» منذ عام 2011. ويكشف التقرير الجديد عن لجوء سلطات بعض الدول إلى احتجاز ومقاضاة أكاديميين، واستخدام إجراءات قانونية قسرية أخرى لمعاقبة، وتقييد النشاط الأكاديمي للعلماء، وجمعياتهم.

يخبرنا تقرير هذا العام، بأنه لا تزال الهجمات ضد حق الطلاب في التعبير، أكثر أنواع الهجمات شيوعًا، حيث تشكل ما يقرب من 41% من الهجمات المُبلغ عنها.

وفي هذا الصدد، استشهد التقرير باحتجاز أيمن منصور ندا، أستاذ الصحافة ورئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة، لمدة شهرين، على خلفية انتقاده العلني لبعض الشخصيات والمسؤولين الإعلاميين في مصر، والمشهد العام لوسائل الإعلام في البلاد، وإدارة جامعة القاهرة.

وبعد الإفراج عنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أصدرت محكمة، عُقدت في آذار/ مارس 2022، حُكمًا بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ على «ندا»، وغرامة قدرها 20 ألف جنيه مصري (حوالي 1,020 دولارًا أمريكيًا) بتهمة «نشر أخبار كاذبة علانية عن وسائل الإعلام المصرية من شأنها الإضرار بالسلم الأهلي والمصلحة العامة»، بحسب التقرير.

اقرأ أيضًا: (تقرير جديد يرصد الهجمات على قطاع التعليم العالي في اليمن).

وفي الكويت، اتهم الادعاء العام، صفاء زمان، أستاذة علوم الكمبيوتر في جامعة الكويت، بارتكاب جريمة نشر «أخبار كاذبة» على إثر مناقشتها، في مقابلة تلفزيونية، مخاطر القرصنة وتهديدات أمن البيانات التي تشكلها الخوادم المرتبطة بديوان الخدمة المدنية في مصر، نظرًا لكون مصر حليف دولي قوي للكويت، بحسب وصف التقرير.

وبينما أشار مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى أن تصريحات «زمان» كانت «ضمن مجال تخصصها»، وأنها قُدمت «باستخدام المعلومات القائمة على الأدلة»، لكن «زمان» اتُهمت فيما بعد بـ «بث أخبار كاذبة تنال من هيبة الدولة». وبحسب منظمة «سيفيكوس»، وهي منظمة دولية غير ربحية هدفها تعزيز عمل المواطنين في المجتمع المدني، فقد برّأت محكمة ابتدائية «زمان» في 29 آذار/ مارس 2022.

فقدان الوظيفة

يتضمن تقرير شبكة «علماء في خطر» أيضًا الإجراءات الإدارية التي تُعاقِب بموجبها، سلطات التعليم العالي والدولة، وتردع وتقيّد ممارسة الحريات الأكاديمية، وغيرها من الحقوق المكفولة للعلماء والطلاب.

ويسلط التقرير الضوء على إقالة الحكومة السودانية، التي يقودها الجيش، جميع مجالس الجامعات، واستبدال 30 من رؤساء الجامعات الحكومية، و8 نواب رؤساء جامعات ممّن تم تعيينهم من قبل الحكومة المدنية السابقة. وقال وليد علي أحمد، عضو مجلس «تجمع المهنيين السودانيين»، إن المسؤولين المعينين حديثًا موالون لـ«الحركة الإسلامية».

القيود المفروضة على السفر

كما تراقب شبكة «علماء في خطر» أيضًا القيود المفروضة على حرية تنقل العلماء، وهو أمر أساسي لضمان جودة التعليم العالي، وتعزيز تبادل الأفكار الجديدة، وتعزيز التعاون الأكاديمي الدولي لمعالجة مشاكل العالم، وفقًا للتقرير.

في الجزائر، على سبيل المثال، منعت وزارة التعليم العالي، الأكاديميين والباحثين في البلاد من المشاركة في مؤتمرات، أو ندوات تُعقد في المغرب في ردٍ واضح على «مقالات معادية للجزائر»، وجدتها الوزارة في مجلة مغربية، فضلًا عن التوترات بين البلدين.

اقرأ أيضًا: (مطالب دولية بإلغاء قيود إسرائيلية على مشاركة الأجانب بجامعات الضفة).

وإلى جانب قيود الحركة طويلة الأمد، المتمثلة في نقاط التفتيش، وتصاريح السفر المفروضة على جميع الفلسطينيين، بمن فيهم الأكاديميون، فرضت الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا تستهدف المجتمع الأكاديمي العالمي. ففي شباط/ فبراير 2022، أعلنت السلطات الإسرائيلية عن توجيه حكومي يقيد سفر الباحثين والطلاب الأجانب إلى الضفة الغربية والعمل فيها.

يدعو التقرير، الدول إلى رفع مستوى الوعي بالهجمات التي تطال التعليم العالي من خلال الاعتراف العلني بها، وتسليط الضوء على هذه الهجمات في تقاريرها الخاصة بقضايا حقوق الإنسان، وتأييد «إعلان المدارس الآمنة»، ومراجعة التقارير حول الموضوعات المتعلقة بالحرية الأكاديمية.

ويحددّ التوجيه الإداري مدة إقامة العلماء الأجانب في الضفة الغربية، ويفرض متطلبات مرهقة على المتقدمين وحاملي التصاريح في المستقبل، بما في ذلك متطلبات تقضي بمغادرة الضفة الغربية لمدة 9 أشهر بعد أول 27 شهرًا، وضمانات مالية محتملة تصل إلى 70,000 شيكل إسرائيلي (ما يقرب من 20,000 دولار أمريكي)، بحسب التقرير.

وأضاف التقرير أن القيود الإسرائيلية على الحدود تعرقل أيضًا استيراد المعدات، والكتب والمواد المدرسية التي يتطلبها توفير تعليم عالٍ جيد. وأوضح أن مثل هذه الحواجز على التنقل، والحركة، تهدد التنمية طويلة المدى للتعليم العالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي، التقدم العلمي والاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين.

تفشي انتهاكات حق الطلاب في التعبير 

ويخبرنا تقرير هذا العام، بأنه لا تزال الهجمات ضد حق الطلاب في التعبير، أكثر أنواع الهجمات شيوعًا، حيث تشكل ما يقرب من 41% من الهجمات المُبلغ عنها.

في واحدة من أكثر الحوادث لفتًا للانتباه، على حد قول التقرير، داهم أكثر من 100 جندي إسرائيلي حرم جامعة بيرزيت في الضفة الغربية، في كانون الأول/ ديسمبر 2021، واعتقلوا عددًا من حراس الجامعة، وأزالوا العلم الفلسطيني من وسط الحرم الجامعي، وشنّوا مداهمات على كليات مختلفة، مستخدمين القوة، بما في ذلك الذخيرة الحية، والغاز المسيل للدموع، لتفريق المدنيين والطلاب الذين اشتبكوا معهم.

علاوة على ذلك، استخدمت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، القوة، واعتقلت بعض الطلاب النشطاء، والمتظاهرين في الجامعات، بما في ذلك اعتقال طلاب في جامعة النجاح الوطنية، وجامعة بوليتكنك فلسطين، وجامعة الخليل.

وفي السودان، داهم جنود مهجعًا طلابيًا يتبع جامعة الخرطوم، في محاولة لردع أنشطة الاحتجاج المناهضة للانقلاب. وذكر التقرير أن أحد الطلاب قال إن الجنود صادروا هواتف الطلاب المحمول،  واستخدموا السياط ضدهم، وأمروهم بمغادرة السكن، فيما ذكر طالب آخر أن الجنود حلقوا شعر رأسه.

وفي اليمن، قمعت قوات الحوثي، بدعوة من إدارة جامعة صنعاء، المُعينة من قبل الحوثيين، مظاهرة طلابية داخل الحرم الجامعي، وتعدت بالضرب على الطلاب المتظاهرين، فضلًا عن اعتقال عدد غير محدد منهم.

الجنس مقابل الدرجات

في شكلٍ آخر من أشكال الهجوم الذي يمكن أن يقوض الحرية الأكاديمية للطلاب وحقهم في التعليم، استشهد التقرير بحديث وسائل إعلام دولية وإقليمية عن «مشكلة منتشرة»، تتمثل في مطالبة أعضاء هيئة التدريس المغاربة الطالبات بممارسة الجنس، مقابل الحصول على درجات جيدة.

وذكر التقرير أن الطالبات اللاتي رفضن مطالب الأساتذة أبلغوا عن تعرضهن لتداعيات خطيرة. على سبيل المثال، أفادت طالبة من جامعة الحسن الأول بأنها طُردت بناء على اتهامات كاذبة بالغش في أحد الاختبارات بعد أن رفضت الطلبات الجنسية لأستاذها. وذكر التقرير أن أستاذًا من تلك الجامعة أُدين، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين، بينما يُتوقع مثول أربعة أعضاء هيئة تدريس آخرين أمام المحكمة بتهم مماثلة.

دعوات لتضافر الجهود

من أجل الدفاع عن حرية كل فرد في التفكير والتساؤل ومشاركة الأفكار، دعت شبكة «علماء في خطر»، في تقريرها، الهيئات الحكومية الدولية والإقليمية والوطنية، إلى تطوير سياسات، وإرشادات لحماية وتعزيز الحريات الأكاديمية، على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

ويدعو التقرير، الدول إلى رفع مستوى الوعي بالهجمات التي تطال التعليم العالي من خلال الاعتراف العلني بها، وتسليط الضوء على هذه الهجمات في تقاريرها الخاصة بقضايا حقوق الإنسان، وتأييد «إعلان المدارس الآمنة»، ومراجعة التقارير حول الموضوعات المتعلقة بالحرية الأكاديمية.

كما دعا الجامعات والمؤسسات التعليمية للانضمام إلى «شبكة علماء في خطر» لإظهار التضامن مع الزملاء في جميع أنحاء العالم، ودعم الباحثين المتأثرين بالهجمات، من خلال تقديم وظائف لجوء أكاديمي، وتعزيز التفاهم واحترام قيم التعليم العالي الأساسية مثل الحرية الأكاديمية، والاستقلال المؤسسي، والمساءلة والوصول العادل والمسؤولية الاجتماعية. وحثّ التقرير أعضاء هيئة التدريس على تضمين الحريات الأكاديمية في مناهجهم الدراسية.

وفي ختام تقريرها، أعربت الشبكة عن اعتقادها بأن للإعلام دورًا مركزيًا في زيادة الوعي حول الهجمات التي تطال قطاع التعليم العالي، من خلال التقارير الاستقصائية، والمقابلات، والمناقشات العامة.

اقرأ أيضًا:

تقرير دولي يرصد أوضاع الحريات الأكاديمية بمؤسسات التعليم العالي في العالم العربي

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى