أخبار وتقارير

بعد الأزمات المالية العاصفة.. خطة طارئة لضمان استمرارية التعليم العالي في لبنان

في محاولة لانتشال مؤسسات أكاديمية عدة من عثرة العجز المالي الفادح، أعدّ خبراء تعليم لبنانيون خطة طوارئ لنظام التعليم العالي في البلاد، تدعو إلى ضخ فوري للأموال، لضمان استمرارية التدريس والتعلم.

وتدعو وثيقة، تلخص سلسلة من الحوارات أجريت بعنوان: «التعليم العالي في أوقات الانهيار»، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتعويض آثار الأزمة الاقتصادية الرهيبة في لبنان على مؤسسات التعليم العالي، وخاصة الجامعة اللبنانية، أكبر جامعات البلاد، والجامعة الحكومية الوحيدة في لبنان.

وُضعت الخطة من قبل مشروع HOPES-LEB، ومكتب «إيراسموس بلس» الوطني في لبنان، بدعم من معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت.

ويعتبر برنامج HOPES-LEB، خليفة برنامج آمال HOPES (فرص ومجالات التعليم العالي ووجهات نظر السوريين والشباب الضعفاء في لبنان). ويُموّل برنامج HOPES-LEB، من قبل الاتحاد الأوروبي من خلال الصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي للاستجابة للأزمة السورية (صندوق مدد الأوروبي)، ويتم تنفيذه من قبل الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي (DAAD)، وكامبوس فرانس Campus France، والمنظمة الهولندية لتدويل التعليم (Nuffic).

تستند توصيات الخطة إلى مدخلات من سلسلة من حوارات أصحاب الشأن، كانت قد عُقدت خلال العام الماضي، والتي جمعت العديد من الأكاديميين والعاملين في مجال التعليم العالي والطلاب وغيرهم.

«لا يمكننا تحمل تكلفة ضياع جيل من الطلاب، فقد تستغرق إعادة بنائه سنوات.. تحتاج أكثر من مؤسسة إلى تدخل فوري، ولاسيما الجامعة اللبنانية الأكثر تضررًا». 

عارف الصوفي، مدير مكتب إيراسموس بلس الوطني في لبنان

في حديثٍ مع «الفنار للإعلام»، قال عارف الصوفي، مدير مكتب «إيراسموس بلس» الوطني في لبنان، إن الخطة تسعى إلى إيجاد استجابة جماعية وموحدة للأزمات المتعددة التي يواجهها لبنان. وأضاف: «لا يمكننا تحمل تكلفة ضياع جيل من الطلاب، فقد تستغرق إعادة بنائه سنوات. الخطة مخصصة لجميع الجامعات. تحتاج أكثر من مؤسسة إلى تدخلٍ فوري، ولاسيما الجامعة اللبنانية الأكثر تضررًا».

وأضاف أن الجامعات استجابت – حتى الآن – بشكل فردي للبحث عن حلول خاصة بها، غير أن القطاع ككل يحتاج إلى دعم جماعي، بحسب تعبيره.

أزمات متداخلة 

كان لتداعيات الأزمات المتداخلة في لبنان تأثيرٌ ضار على جميع القطاعات، ولاسيما التعليم العالي. حيث أدى الانهيار الاقتصادي الذي بدأ في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 إلى حالة من عدم اليقين المالي، وانخفاضٍ حاد في قيمة العملة الوطنية، وقيود مصرفية على عمليات سحب المودعين، وفقدان الموارد البشرية. تفاقمت هذه المشاكل بسبب جائحة كوفيد-19، والانفجار المدمر الذي طال ميناء بيروت عام 2020.

وقالت ريما الراسي، مديرة تطوير البحوث في معهد عصام فارس، والتي صاغت الوثيقة: «أدت كل هذه الأزمات إلى انخفاض في إيرادات العديد من الجامعات اللبنانية، والتي دخلت فعليًا في وضع الكفاح من أجل البقاء، خافضًة ميزانياتها من أجل ديمومة العمليات الأساسية».

وأضافت أن الطلاب، من جميع الخلفيات، ولاسيما أبناء الأسر الفقيرة واللاجئين، حُرموا من الوصول إلى التعليم العالي حيث توجّب على أسرهم إعطاء الأولوية للاحتياجات الأساسية الأخرى، مثل الغذاء والدواء. وبذلك، احتل التعليم مرتبة متأخرة عندما توجّب على الطلاب العمل لتمويل دراستهم وإعالة أسرهم.

وضع مزرٍ للجامعة اللبنانية

وتولي الوثيقة، اهتمامًا خاصًا بالجامعة اللبنانية، والتي سجّلت 86,000 طالب وطالبة خلال العام الدراسي 2021-2020، بما في ذلك أكثر من 3,500 طالب غير لبناني من 115 دولة. ويقدّر البنك الدولي أن ما يقرب من 36% من طلاب لبنان الجامعيين يدرسون في الجامعة اللبنانية.

اقرأ أيضًا: رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران لـ«الفنار»: ندعم الصحة النفسية ببرامج متخصصة

وكانت الجامعة اللبنانية تكافح ماليًا بالفعل قبل أن ينهار الاقتصاد في عام 2019. وبعد أن ضربت الأزمة الاقتصادية الفعلية البلاد، أصبح من المستحيل إدارة وضع الجامعة دون تعريض مستقبل طلابها للخطر.

قبل عام 2019، بلغت الميزانية السنوية للجامعة حوالي 365 مليار ليرة لبنانية، ما كان يعادل في حينها 243 مليون دولار، عندما كان سعر الصرف الرسمي يبلغ 1,500 ليرة للدولار. أما اليوم، ومع قطع الحكومة لتمويل الجامعة اللبنانية، وتداول الليرة في السوق الموازية بسعر 37,500 ليرة للدولار، تراجعت قيمة ميزانية الجامعة إلى نحو 10 ملايين دولار، ما جعلها غير قادرة على تغطية حتى نفقات عملياتها التشغيلية.

توصيات للجامعات الأخرى

وتقدم خطة الطوارئ، التي تسعى بشكل أساسي لمنع انهيار الجامعة اللبنانية، توصيات للجامعات الأخرى والدولة اللبنانية والجهات الدولية المانحة.

«أدت كل هذه الأزمات إلى انخفاض في إيرادات العديد من الجامعات اللبنانية، والتي دخلت فعليًا في وضع المكافحة من أجل البقاء، خافضةً ميزانياتها من أجل ديمومة العمليات الأساسية».

ريما الراسي، مديرة تطوير البحوث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية.

ودعت الخطة إلى توفير تمويل فوري لدعم الاحتياجات الإدارية والتشغيلية لضمان استمرارية التدريس والتعلم، بما في ذلك شراء مولدات الطاقة، والدعم المادي لتوفير مصادر الطاقة البديلة، حيث يمثل توفير الطاقة، راهنًا، تحديًا للعديد من المؤسسات بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفتراتٍ طويلة، وارتفاع تكلفة الوقود.

اقرأ أيضًا: المستشفيات الجامعية اللبنانية تواجه خطر الإغلاق القسري

وشملت التوصيات الأخرى، المساعدة في شراء المواد والمعدات المختبرية، وإصلاح المعدات الموجودة، وتقديم الهدايا العينية لتعزيز الممارسات الأكاديمية ومخرجات البحث، وتوفير حوافز لأعضاء هيئة التدريس والعاملين، لوقف استنزاف الموارد البشرية.

وتطالب الوثيقة، الدولة بتقديم إرشادات قانونية واضحة للتعلم عبر الإنترنت، والتعلم المدمج، وإنشاء هيئة وطنية لضمان الجودة، بالإضافة إلى وضع قاعدة بيانات وطنية لضمان «مركزية» بيانات مؤسسات التعليم العالي. كما حثت المانحين الدوليين على تسهيل عملية طلبات التمويل، وتمديد الجداول الزمنية (للمشروعات) بسبب الوضع في لبنان. وتوصي أيضًا بتقديم مساعدة عاجلة للمنح الدراسية، والمساعدات المالية والنقل، فضلًا عن التدريب القائم على الكفاءة، حتى يتمكن الطلاب من تلبية احتياجات سوق العمل في لبنان.

ويقول عارف الصوفي: «تناولت الوثيقة، بشكل أساسي، احتياجات التعليم العالي قصيرة الأجل من أجل إعادة الطلاب إلى الفصول الدراسية في بيئة مناسبة وصحية، وتأمين ديمومة التعليم والتعلم دون انقطاع. نحن نخاطب المجتمع الدولي لأنه المورد الوحيد المتاح في الوقت الحالي».

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى