مقالات رأي

كيف نربط الطلاب بالتعلم من خلال «علاء الدين» و«غريندايزر»؟ تجربة أكاديمية

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

يكبر المعلمون بينما يظل طلابهم صغارًا. وهذا هو حالي بالتأكيد في حرم جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. غالبًا ما أُدرّس لطلاب جامعيين تتراوح أعمارهم بين 19 و22 عامًا. وبمرور الوقت، أبتعد أكثر عن فئتهم العمرية، وتصبح العديد من المواد التاريخية التي أدرسها أكثر بُعدًا عنهم.

حتى الأحداث الحديثة نسبيًا – مثل هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 – هي الآن أحداث وقعت قبل ولادة بعض المشاركين في المساق الدراسي، فكيف يمكنني إذن التواصل معهم؟ يمثل البقاء على اتصال بثقافة الطلاب الأصغر سنًا تحديًا يواجهه أي معلم، ولاسيما أولئك الذين يُدرّسون المواد المتعلقة بالماضي، مثل التاريخ، أو علم الآثار، أو علم المتحجرات (Paleontology).

ويمكن أن يساعد إنجاب الأطفال قليلًا، فقد تعرّفت على فيلم ديزني «فروزن» جزئيًا عن طريق ابنتي، على سبيل المثال. ومع ذلك، عندما يكبر أطفالك، يستمر تجديد شباب الجسم الطلابي عندك على الدوام.

يُنصح المدرّسون على الدوام بالتعرف على الثقافة الشعبية للجيل الذي يقومون بالتدريس له. هذا مهم بشكل خاص إذا كنت تعمل في بلدٍ آخر غير البلد الذي درستَ فيه. شخصيًا، حصلتُ على شهاداتي من جامعات في النمسا والمملكة المتحدة، على سبيل المثال، قبل أن أبدأ عملي كأستاذ مساعد في قطر عام 2013.

ما أن شغّلتُ أغنية المسلسل الكارتوني «غريندايزر»، حتى تحمّس الطلاب بطرقٍ نادرًا ما رأيتهم عليها أثناء المناقشات النظرية حول «التحديث». بل إن الطلاب وقفوا ليسجلوا بهواتفهم ظهور هذا الكارتون الياباني المحبوب في الفصل الدراسي.

على الرغم من دراستي للغة العربية وآدابها طوال سنوات، إلا أنني ما زلتُ أغوص في جوانب مهمة من الثقافة الجماهيرية في العالم العربي. ويشمل ذلك مسلسلات إنيمي يابانية مدبلجة إلى العربية، بُثت في الأصل على قنوات تلفزيونية عربية خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. لا تزال مسلسلات «الكابتن ماجد» و«غريندايزر» وغيرها أيقونات معروفة على نطاق واسع حتى يومنا هذا.

حتى إذا لم تكن مهتمًا بشكل خاص بالمسلسلات الكارتونية اليابانية، فأنا أشجعك على التعرف على واحد أو اثنين منها على الأقل، إذا كنت تخطط للانخراط في فصل دراسي مليء بالطلاب العرب. ويمكنك العثور بسهولة على أكثر العروض تأثيرًا على موقع «يوتيوب»، فضلًا عن الإشارات إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فاصيل من عمل فني للطلاب حول رسوم كارتونية مختلفة، بما في ذلك شخصية الروبوت الياباني «غريندايزر»، والتي أثّرت على أجيال من الأطفال العرب. صُمّم هذا «الكولاج» في إطار مساق دراسي حول تاريخ الشرق الأوسط الحديث، يقدمه يورغ ماتياس ديترمان (المصدر: كاتب المقال).

في فصل دراسي عن تاريخ الشرق الأوسط الحديث، طلبتُ من طلابي التفكير في مدى تغريب المنطقة العربية. وقد قمتُ بتسهيل النقاش بمقارنة تأثير الإعلام الأمريكي والياباني على الدول العربية. وما أن شغّلت أغنية المسلسل الكارتوني «غريندايزر»، حتى تحمّس الطلاب بطرقٍ نادرًا ما رأيتهم عليها أثناء المناقشات النظرية حول «التحديث»، بل إن بعض الطلاب وقفوا ليسجلوا بهواتفهم ظهور هذا الكارتون الياباني المحبوب في الفصل الدراسي.

هل تخطط لتحليل جوانب كأس العالم الفيفا FIFA في هذا العام الدراسي؟ حاول إذن معرفة ما إذا كان مسلسل «الكابتن ماجد»، الذي يدور حول لاعبي كرة القدم الشباب، يجذب انتباه الطلاب بذات الطرق.

«من الواضح أن أفلام الطفولة التي يتذكرها الطلاب في مرحلة البلوغ مخزّنة في ذاكرتهم طويلة المدى. وبهدف أن يتذكر المتعلمون محتوى المساقات الدراسية، عليك أن تربط المعلومات الجديدة، بدقة، بذاكرتهم طويلة المدى».

بالطبع، لا يحتاج الطلاب إلى مشاهدة فيلم في كل حصة دراسية. في الحلقات الدراسية ذات المستوى الأعلى والمواد الاختيارية، يجب أن يكون الطلاب مهتمين بموضوع ما بشكل كافٍ، ليكونوا قادرين على التعامل مع عرض تقديمي أكثر جفافًا. ومع ذلك، وحتى في هذه الحالة، يمكن أن يكون تشغيل المقاطع في الفصل أكثر من مجرد تمرين سطحي.

في فصل دراسي عن التاريخ الإسلامي في العصور الوسطى، لا أقدم حقائق عن السلالات المختلفة فحسب، بل أتحدى الطلاب أيضًا لفحص طرق إضفاء الطابع الرومانسي على الخلافة العباسية، على سبيل المثال، وجعلها مناسبة للعصر الحديث. وهكذا ننتقد العديد من عروض هوليوود لـ«ألف ليلة وليلة»، والتي تبرز، بين أبطالها، الخليفة هارون الرشيد، ووزيره الأعظم جعفر.

«غريندايزر» وغيرها من الرسوم الهزلية المعروضة في Crust، وهو مطعم بيتزا في الدوحة يحظى بشعبية في أوساط الطلاب. (تصوير: يورغ ماتياس ديترمان).

من السهل نسبيًا اكتشاف وانتقاد الصور النمطية للمستشرقين في فيلم «علاء الدين» من إنتاج شركة ديزني. وعندما أعرض بعد ذلك النسخ المصرية المماثلة لـ«الليالي العربية»، أقوم أيضًا بتحفيز نقاشات أكثر تعقيدًا حول الاستشراق الذاتي، والتداول العالمي للمقتضيات السينمائية، بما يتجاوز مجرد ثنائية الغرب والشرق.

تسمح المسلسلات التلفزيونية، أو الأفلام، أو ألعاب الفيديو ذات الموضوعات التاريخية للطلاب بالاطلاع على الماضي البعيد والأكثر حداثة في نفس الوقت.

لنأخذ مسلسل «حريم السلطان»، أو «القرن العظيم» بالتركية (Muhteşem Yüzyıl)، على سبيل المثال، وهو مسلسل تلفزيوني تركي عن الحاكم العثماني سليمان القانوني، وزوجته خرّم سلطان Hürrem Sultan. يصور المسلسل الحياة في الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر، بينما يلقي الضوء أيضًا على تركيا في القرن الحادي والعشرين، في وقت إنتاج المسلسل.

وكما أشارت صحيفة النيويوركر، يبدو «القرن العظيم» منتجًا جوهريًا لسنوات (الرئيس التركي) أردوغان، على الرغم من أنه لم ينل إعجاب الزعيم التركي نفسه.

لا تجعلك مشاهدة الرسوم المتحركة بالضرورة أصغر سنًا، ومع ذلك، تساعدك معرفة البرامج التي يحبها طلابك على التواصل معهم.

علاوة على ذلك، من الواضح أن أفلام الطفولة التي يتذكرها الطلاب في مرحلة البلوغ مخزّنة في ذاكرتهم طويلة المدى. وبهدف أن يتذكر المتعلمون محتوى المساقات الدراسية، عليك أن تربط المعلومات الجديدة بدقة بذاكرتهم طويلة المدى. ويصحّ هذا سواء أكان الموضوع نفسه حول المدى الطويل (مثل التاريخ)، أم لا.

اقرأ أيضًا:

دعوة إلى تدريس التاريخ البيئي ضمن وسائل معالجة التغير المناخي

*يورغ ماتياس ديترمان، أستاذ التاريخ في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. يمكن التواصل معه عبر [email protected] وعبر تويتر على JMDetermann.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى