أخبار وتقارير

الجرافيتي في لبنان.. من صخب الاحتجاجات الجدارية إلى مناهج الدراسة

عندما اجتاحت الاحتجاجات العامة، لبنان، في عام 2019، ازدهر فن الشارع بشكلٍ كبير، وعبّر جيل من الشباب المحبط عن مظالمه، ومطالبه على جدران المدينة عبر فن الجرافيتي. والآن، تحظى تلك الأعمال باعتراف كليات فنية على الرغم من عدم تقديمها كموضوع منفصل.

في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا) (ALBA)، التابعة لجامعة البلمند، يدرس طلاب التصميم الجرافيكي، في السنة الأولى، أربعة مجالات: الرسوم الكاريكاتورية، والرسوم التوضيحية، والسينما، والتصميم الجرافيكي والإعلان. ويقول آلان بريناس، مدير قسم التصميم الجرافيكي والإعلان في الأكاديمية، إن الموضوعات الأربعة تُمكّن الطلاب من اختيار دراسة فن الجرافيتي.

ويضيف، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «مثله مثل أشكال التعبير الفني الأخرى، يعتبر الجرافيتي من وسائل الاتصال. ويمتاز بوجوده في الشارع وإمكانية وصول الجمهور إليه مباشرة بشكل عام. لستَ مضطرًا للذهاب إلى معرض لمشاهدة فن الجرافيتي. … إنه يعرض نفسه لك في الشارع». ويوضح أنهم لا يدرسون فن الشارع على هذا النحو، لكنهم يقدمون «كل ما يتعلق بالاتصال عن طريق الرسم التوضيحي»، مشيرًا إلى أن الجرافيتي شكل من أشكال التوضيح يمكن استخدام الطباعة والخط والنصوص فيه.

ويقول إن مدارس الفنون في لبنان تركز على أشكال مختلفة من الرسم التوضيحي، يمكن التعبير عنها على الورق أو القماش أو جدران الأماكن العامة.

كما يرى أنه من الممكن تدريس تقنيات الجرافيتي في غضون ساعات قليلة، وخاصة لأولئك الذين تم تدريبهم بالفعل في مجال التعبير والرسم الجرافيكي. ويوضح أنها ذات الطريقة تقريبًا باستخدام أدوات مختلفة، مثل علب الرش أو الفرش الكبيرة. لكن المفهوم هو نفسه «عليك إنجاز التصميم أولًا، وإيجاد الرسالة أو الفكرة الصحيحة، ومن ثم الرسم».

عنصر خطر

ولما يتضمنه من اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، يعتبر الجرافيتي شكلًا من أشكال التخريب المتعمد في العديد من البلدان. وغالبًا ما يتم تنفيذه ليلًا تحت جنح الظلام. وتتسامح بعض الدول مع ذلك، ولكنه ممنوع منعًا باتًا في دولٍ أخرى لما يمكن أن يحمله من رسائل سياسية ضارة في نظر السلطات.

«مثله مثل أشكال التعبير الفني الأخرى، يعتبر الجرافيتي من وسائل الاتصال. ويمتاز بوجوده في الشارع وإمكانية وصول الجمهور إليه مباشرة بشكل عام. لستَ مضطرًا للذهاب إلى معرض لمشاهد فن الجرافيتي. … إنه يعرض نفسه لك في الشارع».

آلان بريناس، مدير قسم التصميم الجرافيكي والإعلان في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا).

وشهد فن الشارع نموًا، وتحوّل إلى حركة، حيث أصبح الجرافيتي واللوحات والجداريات أداة قوية في الاحتجاجات التي شهدها لبنان في تشرين الأول/أكتوبر 2019، ضد الفساد، وعدم المساواة، وارتفاع البطالة، والفقر المتزايد. وكان جيل الشباب من استخدم الجرافيتي على نطاق واسع في الاحتجاجات الشعبية في لبنان ودول عربية أخرى، بما في ذلك العراق ومصر.

اقرأ أيضًا: فن الاحتجاج يعيد الحياة إلى قلب بغداد

وترى لينا غيبة، الأستاذة المشاركة في التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية في بيروت، أن الشباب ربما ينجذبون إلى فن الجرافيتي لوجود عنصر المخاطرة فيه. وتقول، في تصريح لـ«الفنار للإعلام»: «لأنك تكون في مكانٍ عام لا يُسمح لك فيه بذلك، لكنك تفعل ذلك لأنك تريد أن تقول وتشارك شيئًا ما. ولهذا السبب انتشر هذا الفن خلال الثورة في لبنان، فقد كان لدى الشباب الكثير ليقولوه، وكانوا في الشارع».

  • الجرافيتي في لبنان.. من صخب الاحتجاجات الجدارية إلى مناهج الدراسة
  • الجرافيتي في لبنان.. من صخب الاحتجاجات الجدارية إلى مناهج الدراسة
  • الجرافيتي في لبنان.. من صخب الاحتجاجات الجدارية إلى مناهج الدراسة

كان العديد من فناني الجرافيتي من خريجي قسم التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكانوا نشطين للغاية خلال الاحتجاجات، وأصبح بعضهم مشهورًا. وبالنسبة للفنانين اللبنانيين، لم تكن الاحتجاجات أوقاتًا للاضطراب فحسب، بل ساعدتهم أيضًا في توسيع مساحة التفكير الإبداعي. وجسّد فن الاحتجاج، الرغبة الواسعة في مستقبل مختلف وأفضل، وساعد في نشر رسالة الشعب اللبناني في أرجاء العالم.

«لا، لا، وألف لا»

مثّل فن الجرافيتي أيضًا جزءًا كبيرًا من ثورة مصر في عام 2011. حيث أصبح عمل الجرافيتي المعنون «لا، لا، وألف لا» للفنانة ومؤرخة الفن بهية شهاب رمزًا للاحتجاجات في ميدان التحرير في القاهرة، وكانت قد حصلت على شهادتها الجامعية في التصميم الجرافيكي من الجامعة الأمريكية في بيروت.

وترى «غيبة» أن فن الجرافيتي كان جزءًا من مساق الرسم التوضيحي المطلوب من طلاب التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث تمت دعوة فناني الشوارع لإلقاء محاضرات، وتقديم ورش عمل للطلاب. وتخطط الكلية الآن لتقديم الجرافيتي كجزء من مساق حول تاريخ التصميم الجرافيكي.

«ربما ينجذب الشباب إلى فن الجرافيتي لوجود عنصر المخاطرة فيه. لأنك تكون في مكانٍ عام لا يُسمح لك فيه بذلك، لكنك تفعل ذلك لأنك تريد أن تقول وتشارك شيئًا ما. ولهذا السبب انتشر هذا الفن خلال “الثورة” في لبنان».

لينا غيبة، أستاذة مشاركة في التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية في بيروت.

وتقول «غيبة» إن طلاب تصميم الجرافيك يتعلمون كيفية استخدام أدوات مختلفة للتعبير عن أنفسهم. وتضيف: «نحن نشجعهم على أن يكونوا مواطنين منتمين لبلدهم». وتوضح أنه «لا يشترط أن يكون الجرافيتي سياسيًا. يمكن أن يكون اجتماعيًا أو ثقافيًا أو بيئيًا، مثل حملة Chain Effect على الجدران في أرجاء بيروت لتشجيع الناس على ركوب الدراجة بدلًا من قيادة السيارة، أو الجداريات التي تُصوّر المطربتين المشهورتين فيروز وصباح، والتي يمكن أن تهدف لإحياء الثقافة العربية».

الفن شاهدًا على التاريخ

لطالما كان الفن شاهدًا على التاريخ، حيث يلتقط ثقافة الأمة، واللحظات الرئيسية والشخصيات البارزة، وليس فن الجرافيتي استثناءً.

وقد خصصت باولا مونلا، التي تعمل في مجال الإعلان، صفحة على انستغرام لـ«فن الثورة». توثق الصفحة، التي تصف نفسها بأنها تعرض «مجموعة من الأعمال الفنية من الثورة اللبنانية»، أعمال فناني الجرافيتي على الجدران والمباني في جميع أنحاء بيروت.

وتقول «غيبة» إنه من المهم توثيق فن الشارع «لأن الجرافيتي لا يدوم. في بعض الأحيان يتم محوه، أو يرسم أحدٌ فوقه». وتشرح رؤيتها أكثر: «أعتقد أن من الرائع دائمًا المساهمة في إضافة شيء للمدينة. تضفي اللوحات الجدارية على المباني أو في المدارس والمستشفيات، على سبيل المثال، الحيوية على الفضاء. من الجميل مشاهدة هذه الأشياء». كما يرى «بريناس» أن فن الجرافيتي يُحيي وينشّط الفضاء العام.

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى