مقالات رأي

التعليم والتعلم ما بعد كوفيد-19.. مزايا الوسائل التقليدية في مقابل التكنولوجيا

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

كانت جائحة كوفيد-19 تجربة لتعلم تكنولوجيا التعليم بالنسبة لي وللعديد من الأساتذة الآخرين حول العالم، حيث حصلتُ، وجامعتي، على أجهزة وبرامج جديدة تمامًا أفادت الطلاب خلال فترات التعلم عبر الإنترنت. لكن، مع العودة إلى التدريس الوجاهي، استعدتُ تقدير وسائل التدريس في الفصول الدراسية التقليدية.

تسببت زيادة وقت بقاء الطلاب داخل المنزل، أثناء عمليات الإغلاق التي فرضها الوباء، جزئيًا، في زيادة حالات قصر النظر بين الشباب في العديد من الأماكن. وقد لاحظت، بشكلٍ مؤكد، تراجع قدرة بعض طلابي على الرؤية من الجزء الخلفي من الفصل الدراسي خلال السنوات القليلة الماضية. فبعد استخدام كميات قليلة من الورق أثناء التدريس عن بُعد، عدت لتقديم الكراسات المطبوعة التي تضم محتويات المساق الدراسي.

من الناحية المثالية، للمواد المطبوعة قيمة مضافة حتى بالنسبة للطلاب الذين يجلسون في المقاعد الأمامية من الفصل الدراسي وأولئك الذين يتمتعون برؤية مثالية. وكذلك الحال مع الخرائط، على سبيل المثال، حيث تضم تطبيقات مثل خرائط جوجل بالطبع معلومات أكثر بكثير من أي أطلس متوفر. ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بورقة كبيرة بين يدي الشخص يمنح المتعلمين نظرة عامة فورية على أية مساحة جغرافية دون الحاجة إلى تكبير وتصغير الشاشات الأصغر للهاتف، أو الجهاز اللوحي، أو حتى الكمبيوتر المحمول.

هنا، تبرز القيمة المضافة للنسخة المطبوعة الأصلية، من السياق، حيث يمكن أن يخبرك ظهور القطعة الصحفية في الصفحة الأولى، وحجم العنوان، وماهية القصص المحيطة بها، بتفاصيل رائعة حول أهمية الخبر.

عندما كنتُ طالبًا جامعيًا في جامعة فيينا في النمسا، وقعت في حب أطلس توبنغن للشرق الأوسط TAVO، وهي مجموعة تضم مئات الخرائط التفصيلية التي تغطي جانبي الجغرافيا والتاريخ. يمكنك العثور على نسخ من TAVO في العديد من المكتبات البحثية الكبرى التي تخدم دراسات الشرق الأوسط.

في تجربتي في التدريس، استخدمتُ أيضًا الخرائط التي أنتجها مايكل إيزادي والمتوفرة على الإنترنت من خلال مشروع Gulf/2000، برعاية معهد الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا في نيويورك، كما وجدتُ ضرورة أن تكون المطبوعات بحجم A3 أو حتى A4، والمطبوعة باستخدام طابعة مكتبية عادية، جذابة للغاية لطلابك، كما كانت بالنسبة لطلابي.

التعليم والتعلم ما بعد كوفيد-19.. مزايا الوسائل التقليدية في مقابل التكنولوجيا
: خريطة الشرق الأوسط كما رسمها مايكل إيزادي والمتاحة عبر مشروع الخليج/ 2000 في جامعة كولومبيا؛ النسخة المطبوعة على ورق A3 البسيط أكبر بكثير من عرضها على الشاشة الأصغر للكمبيوتر المحمول العادي (تصوير: يورغ ماتياس ديترمان).

بالطبع، قد تخجل من استخدام الأوراق الكبيرة لأسباب بيئية. ومع ذلك، تذكر أن لجميع الأدوات الإلكترونية بصمة كربونية أيضًا. علاوة على ذلك، سيكون الطلاب الذين يمتلكون هواتف وأجهزة كمبيوتر محمولة أصغر أقل حظًا إذا تلقى الجميع نشرات من ذات الحجم.

يمكن استخدام الخرائط في تدريس العديد من المواد في مجال العلوم الإنسانية والعلوم. وينطبق الشيء نفسه على المقالات الصحفية، والتي يمكن أن تكون بمثابة نقاط مناسبة لانطلاق المناقشات. هنا، تبرز القيمة المضافة للنسخة المطبوعة الأصلية، من السياق، حيث يمكن أن يخبرك ظهور القطعة الصحفية في الصفحة الأولى، وحجم العنوان، وماهية القصص المحيطة بها، بتفاصيل رائعة حول أهمية الخبر. لسوء الحظ، تضيع الكثير من هذه المعلومات في إصدار HTML من ذات المقالة المعروضة في متصفح الويب.

نسخ ورقية من صحيفة الخليج تايمز القطرية الصادرة ما بين 3 و5 آذار/ مارس 2020، تتحدث عن الانتشار الأولي لوباء كوفيد-19. تمنح رؤية موضع المقالات في النسخ المطبوعة الطلاب سياقًا أكثر مما يمكن رؤيته في الإصدارات الإلكترونية من نفس المقالات (تصوير: يورغ ماتياس ديترمان).

لا يعني الانتقال إلى التكنولوجيا المنخفضة وجوب حظر الأجهزة الإلكترونية المحمولة في الفصول الدراسية. لقد طالبت العديد من الطلاب، بالتأكيد، ترك هواتفهم إذا شعروا بالتشتت بسببها. ومع ذلك، لا شك أن التقنيات الرقمية عززت أيضًا إمكانية الوصول؛ فعندما يواجه بعض الطلاب الذين يعانون من قصر النظر صعوبة في قراءة نص صغير معروض في مقدمة قاعة المحاضرات، كان بإمكانهم استخدام هواتفهم الذكية ببساطة لالتقاط صور لها وتكبيرها.

وبالعودة إلى الفصول الدراسية الوجاهية، يأتي الطلاب بالفعل قبل عشر دقائق أو أكثر من بدء المحاضرة، مما يسمح بإجراء حوارات غير رسمية قيّمة أو التأمل الذهني الهادئ.

وعوضًا عن منع استخدام الهواتف، أحاول أن أقدم لهم قدوة يحتذى بها. بشكل عام، أقوم بتدوين ملاحظات حول المساهمات في الفصول الدراسية المختلفة باستخدام القلم والأوراق، لتشجيع الجميع على فعل الشيء نفسه. كما أذكّر طلابي بالبحوث التي تُظهر أن الطلاب الذين قاموا بتدوين الملاحظات بخط اليد يتذكرون أكثر وأن لديهم فهمًا أعمق للمادة من أولئك الذين يكتبون على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم. إذا استمر المتعلمون في تفضيل تشغيل أجهزة الكمبيوتر خاصتهم، فقد أطلب منهم على الأقل إغلاق التطبيقات التي يمكن أن تشتت انتباه أولئك الجالسين بجانبهم.

ختامًا، يمكنني القول بأن شكل التدريس منخفض التقنية (أو ما يتم بغياب التكنولوجيا بالأحرى)، والذي اشتقت إليه أكثر من غيره خلال جائحة كوفيد-19، بمثابة محادثة بسيطة مباشرة. وعلى الرغم من أنني كنت متاحًا للتبادلات الفردية في بداية ونهاية اجتماعات الفصول عبر تطبيق زووم، إلا أن عددًا قليلًا من الطلاب سجلوا الدخول مبكرًا أو استمروا معنا بعد انتهاء الجلسة الرسمية. وبالعودة إلى الفصول الدراسية الوجاهية، يأتي الطلاب بالفعل قبل عشر دقائق أو أكثر من بدء المحاضرة، مما يسمح بإجراء حوارات غير رسمية قيّمة أو التأمل الذهني الهادئ. وهنا، لسنا بحاجة للأقلام والأوراق!

يورغ ماتياس ديترمان، أستاذ التاريخ في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر. يمكن التواصل معه على [email protected] وعبر تويتر Twitter من خلال JMDetermann.

اقرأ أيضًا:

  ابحث عن أحدث المنح الدراسية من هنا. ولمزيد من القصص، والأخبار، اشترك في نشرتنا البريدية، كما يمكنك متابعتنا عبر فيسبوك، ولينكد إن، وتويتر، وانستجرام، ويوتيوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى