أخبار وتقارير

الأمراض تهدد حياة طلاب مدارس البصرة

البصرة — في مستشفى البصرة العام، خضع أحمد – 8 سنوات – لفحوصات على مدى أيام بعد إصابته بآلام حادة في أسفل البطن. خلال الثلاثة أشهر الماضية، اشتكى أحمد من ألام شديدة في البطن لم يعرف سببها. ليتبين لاحقاً إصابته بالتهاب حاد في المجاري البولية مع احتمال إصابته بفشل كلوي بسبب احتباس البول في جسده لفترات طويلة.

قالت والدته “لا تتوفر حمامات نظيفة في مدرسته، لذلك يضطر هو والكثيرين من زملاءه إلى البقاء ساعات طويلة دون الدخول للحمام.”

أحمد طالب في الصف الثاني الابتدائي في مدرسة أصحاب الحسين الحكومية في منطقة الحيانية في محافظة البصرة جنوب العراق، وهي واحدة من مدارس عديدة في المحافظة تعاني من غياب المرافق الصحية النظيفة. حيث تشير بيانات حديثة صادرة عن الجهاز المركزي العراقي للتعبئة العامة والإحصاء، بأن 25.9 في المئة من طلاب المدارس – تحت سن 10 سنوات- لا يحصلون على خدمات صحية ملائمة في المدارس الحكومية.

قال حيدر الساعدي، رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة البصرة “لا توجد حمامات صحية صالحة للاستخدام البشري في غالبية مدارس البصرة.”

في البصرة 1437 مدرسة، منها 334 مدرسة تعمل بنظام الدوام المزدوج. بينما ارتفع عدد الطلاب من 325 ألف طالب وطالبة في عام 2003 إلى 798 ألف طالب وطالبة لعام 2014، أي بزيادة 20 في المئة، مما انعكس سلباً على مستوى تقديم الخدمات التعليمية والصحية للطلاب.

(تصوير نهلة جابر)

قال الساعدي “معظم الأبنية المدرسية قديمة جداً. كما تراجعت الميزانيات المرصودة لبناء مدارس حديثة.”

تنفي مديرية صحة البصرة التابعة لوزارة الصحة انتشار أمراض الجهاز البولي لدى طلاب المدارس نتيجة غياب الخدمات الصحية في المدارس. قال قصي عبد اللطيف، مسؤول الإعلام في الدائرة الحكومية “لا توجد إحصائية رسمية حول هذا الموضوع.”

مدير مدرسة الهارثة للبنين في منطقة الكرمة عبدالغفار مشعان، يؤكد على تفاقم المشكلة في مدارس المحافظة. قال “في مدرستنا -على سبيل المثال- لايوجد حمامات صحية في المدرسة، مما يدفع بالطلاب لمغادرة المدرسة في منتصف الدوام.”

يلجأ الكثير من الطلاب إلى البيوت المجاورة لقضاء حاجتهم، بينما تقول مديرة مدرسة الشهيد احمد علي المالكي للبنات  سهام طه، نشاطر المدرسة بدوام رباعي للبنات لهذا تتغيب الكثيرات من الطالبات في سن البلوغ عن المدارس نتيجة وضع المرافق الصحية المزري في مدارسهن.

قالت “غياب الإحصاءات حول الأمراض الناجمة عن هذه المشكلة لا ينفي وجودها. يصاب غالبية الطلاب بالتهابات في المجاري البولية. ويتعرض الذكور لضمور في الخصية نتيجة الاحتباس البولي. لكن الفقر وارتفاع نفقات المعيشة والجهل بالثقافة الصحية يتسببون جميعاً في التغاضي عن الكثير من الأمراض التي تصيب الطلاب.”

بدوره، يعتقد الأكاديمي ستار البدران، باحث اجتماعي، أن التعليم لايحظى اليوم باهتمام كاف في البلاد التي طالما عُرفت بمستواها التعليمي المتقدم قال “مع الأسف، لا توجد خطة وطنية لتطوير قطاع التعليم المدرسي وإيجاد حلول لمشكلاته التعليمية والخدمية.”  مشيراً إلى الدور الذي تلعبه الاضطرابات السياسية والتراجع الاقتصادي في  انخفاض معدلات بناء وتحديث المدارس في المحافظة.

وقالت شذى الجنابي، أستاذة مساعدة في جامعة البصرة وباحثة في علم الانثروبولوجي، “إنه لأمر مخزي أن نتحدث عن ضرورة توفير مرافق صحية ملائمة، بينما لدينا الكثير من القضايا التي تحتاج للعمل والتطوير كالمناهج وطرق التدريس.”

في المقابل، تتمتع المدارس الخاصة ببنية تحتية أفضل وخدمات صحية ملائمة. إلا أن رسوم الالتحاق بها لاتتناسب مع الأوضاع المعيشية للكثيرين من أبناء البصرة.

قال أبو زهراء، أب لأربعة بنات في سن الالتحاق بالمدارس، “لا أمتلك المال الكافي لدفع مصاريف المدارس الخاصة. في المقابل المدارس الحكومية لا تقدم لأطفالنا إلا المرض.”

https://www.bue.edu.eg/

مازال أحمد راقداً في المشفى يتلقى العلاج، بينما لاتبدي والدته رغبة بعودة ابنها للمدرسة مجدداً في ظل تردي المرافق الصحية في المدارس. قالت “أدعو له بالشفاء ليل ونهاراً. أما عودته للمدرسة فهي مرهونة بتغيير وضع مرافقها الصحية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى