أخبار وتقارير

في الذكرى 110 لميلاد نجيب محفوظ.. ناشر جديد وجدل حول «الأخطاء والتلاعب»

اعتبارًا من آيار/مايو المقبل، سيتاح لقراء الأديب المصري الراحل نجيب محفوظـ، قراءة رواياته «من دون أخطاء». هذا ما أعلنه الروائي أحمد القرملاوي، مدير قسم النشر بمؤسسة «ديوان» التي حصلت، مؤخرًا، على حقوق نشر أعمال الروائي العربي الوحيد الحائزة على جائزة نوبل في الآداب.

وأعلنت المؤسسة، في وقت سابق، حصولها على «الحقوق الحصرية لنشر الأعمال الكاملة لمحفوظ، وذلك لمدة 15 عامًا تبدأ من مايو القادم»، عقب انتهاء العقد الذي أبرمه الراحل مع «دار الشروق» قبل عشرين عامًا.

وبالتزامن مع الذكرى العاشرة بعد المائة لميلاد محفوظ، التي تحل في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر الجاري، وقعت «ديوان» قبل أيام، عقدًا، مع أم كلثوم نجيب محفوظ، للحصول على حقوق نشر أعمال أديب نوبل، ورقيًا وصوتيًا، بشكل حصري، وإلكترونيًا بشكل غير حصري، حيث تتشارك مع دار نشر «هنداوي» في الحصول على الحقوق الإلكترونية

ويأتي الاتفاق، بعد نحو شهرين، من إعلان مؤسسة «هنداوي»، حصولها على حقوق نشر أعمال محفوظ إلكترونيًا مقابل 6 ملايين جنيه مصري، بينما لم تفصح ابنة محفوظ، ومعها «ديوان»، عن القيمة المالية للعقد الجديد، إذ تظل قيمته سرية، مثل بقية بنود التعاقد، طوال مدة سريان العقد.

«مراجعة دقيقة لأعمال محفوظ، مقارنة بالطبعات الأولى لأعماله، تُظهر أن هناك الكثير من الفقرات والجمل التي تم حذفها، بخلاف الأخطاء المطبعية التى تؤدي أحيانًا إلى تغيير المعنى تمامًا».

محمد شعير
 نائب رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب»

وفي رد فعل واضح، طرحت «دار الشروق»، بالمكتبات، طبعة جديدة من الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ، في عشر مجلدات، بأغلفة وإخراج جديدين للفنان أحمد اللباد.

ويشير بيان «ديوان» إلى أنها «ستعمل على تقديم أعماله المنقحة، بأحدث تقنيات النشر الورقي والرقمي والصوتي، والعمل على تمديد أثره الفكري وحفظ إرثه الأدبي الفريد».

وقد أثار هذا البيان، جدلًا وتساؤلات عما إذا كانت هناك أخطاء في طبعات سابقة لأعمال محفوظ. وعن ذلك، يقول الروائي والمترجم أشرف الصباغ لـ«الفنار»: «هل التنقيح والمراجعة التي أشار لها البيان سيكونان لطبعات دار الشروق مثلًا، أم تنقيح ومراجعة للطبعات التي تم تشويهها وتدميرها وإخضاعها للفتاوى الدينية والأفكار المتطرفة؟!».

من جهته، قال محمد شعير، نائب رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» إن صدور طبعات جديدة من أعمال محفوظ «صار مطلبًا فنيًا لحماية تراثه». وأضاف: «من الضروري مراجعة أعماله على الأصل، كما صدر في الطبعات الأولى. هناك العديد من الأخطاء في الطبعات كافة، التي صدرت لأعمال محفوظ بعد حصوله على نوبل في العام 1988».

كان «شعير» قد أجرى سلسلة من التحقيقات حول مخطوطات محفوظ، «رصد فيها بعض الأخطاء وعمليات الحذف التي طالت أعمال أديب نوبل»، معتبرًا أن «هذه الأخطاء ليست مجرد بضعة أخطاء مطبعية، أو نحوية، وإنما هي أخطاء مقصودة، حيث تدخل ناشره، وأجرى تعديلات، ليتمكن من إدخال أعمال محفوظ للبلاد العربية التي كانت تحظر أعماله».

وأشار كذلك إلى أن «مراجعة دقيقة لأعمال محفوظ، مقارنة بالطبعات الأولى لأعماله، تُظهر أن هناك الكثير من الفقرات والجمل التي تم حذفها، بخلاف الأخطاء المطبعية التى تؤدي أحيانًا إلى تغيير المعنى تمامًا». كما كشف «شعير» عن «تدخلات على النصوص أجراها بعض مصححي اللغة العربية، ومع إعادة طباعة تلك الأعمال تكرست الأخطاء».

تم توقيع عقد طباعة الأعمال بحضور فريق عمل مكتبة دار ديوان للنشر. (الصورة دار ديوان للنشر).
تم توقيع عقد طباعة الأعمال بحضور فريق عمل مكتبة دار ديوان للنشر. (الصورة دار ديوان للنشر).

وذكر نائب رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» أن بعض الدارسين أحصوا «حوالي 177 خطئًا في رواية واحدة» هي: «السمان والخريف»، كما أن كتاب «أصداء السيرة الذاتية» فيه «ما لا يقل عن 50 خطئًا، بعضها كارثي»، لأن الأصل الذي نشرته جريدة «الأهرام» «انطوى على أخطاء كثيرة».

من ناحيته، يقول الروائي نعيم صبري، الذي كان مقربًا من محفوظ، إن الكاتب الراحل «كان حريصًا على مراجعة وتدقيق أعماله بنفسه، إلى أن تراجعت صحته، لكنه لم يظهر في حواراته، مع مريديه، أي تذمر من الناشرين الذين كان يتعامل معهم، كما لم أسمع منه رأيًا سلبيًا فيهم».

بدوره، يقول الناقد الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة: «من الضروري تشكيل لجنة من دارسي أعمال محفوظ، لتتولى مراجعة أعماله، قبل طباعتها، للوصول إلى ما هو أصوب. تعرضت أعمال صاحب نوبل لاعتداءات جمة. والمشكلة بدأت حين تراجعت قدرة محفوظ على قراءة أعماله بعد نشرها، وبالتالي بدأت تجاوزات المصححين والرقباء في حقها».

وأعد حمودة، الذي كان صديقًا للأديب الراحل، دراسة «رصدت بعض الأخطاء اللغوية في أعمال محفوظ، وسلّمها إلى ناشره القديم في (مكتبة مصر) بناء على طلب شخصي من محفوظ». ويضيف حمودة: «رغم هذا، تواصلت عملية نشر أعماله، بعد ذلك، دون مراجعة».

«معظم الأخطاء كانت لغوية، ومن الصعب التأكد من شبهة الحذف الرقابي، فكتاباته الأخيرة، مثل: أحلام فترة النقاهة، وأصداء السيرة الذاتية، حافلة بالأخطاء بسبب صعوبة قراءة خط يده، بعد إصابته التي تعرض لها في محاولة اغتياله خلال العام 1994».

حسين حمودة
أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة

ويوضح: «معظم الأخطاء كانت لغوية، ومن الصعب التأكد من شبهة الحذف الرقابي، فكتاباته الأخيرة، مثل: أحلام فترة النقاهة، وأصداء السيرة الذاتية، حافلة بالأخطاء بسبب صعوبة قراءة خط يده، بعد إصابته التي تعرض لها في محاولة اغتياله خلال العام 1994».

في السياق نفسه، يقول «شعير» إن «المجلدات الخمسة الصادرة في بيروت، مع الطبعات الأولى فقط الصادرة عن مكتبة مصر هي الأكمل، أما طبعات روايات محفوظ، التي صدرت في سلسلة (الكتاب الذهبي) التي كانت تصدر في خمسينيات القرن الماضي، عن مؤسسة روزاليوسف، فقد تعرضت لاعتداء رقابي بشع».

ويطالب «الصباغ»، بأن ينص العقد الجديد بين ورثة محفوظ ومؤسسة «ديوان» على «نشر أعمال الراحل، كما نشرت في طبعاتها الأولى»، داعيًا إلى «إشراك نقاد ومهتمين ومتخصصين في أدب نجيب محفوظ، لمراقبة التزام دار النشر بهذا البند، لمواجهة صور التلاعب في أعمال الكاتب المصري الحائز على نوبل، ولتفادي أي محاولات لتشويه الأدب المصري لصالح أفكار دينية أو أية أفكار أخرى».

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وعن هذا المطلب، يقول مدير النشر بمؤسسة «ديوان»: «هناك لجنة يجري تشكيلها من نقاد متخصصين، للقيام بعملية مراجعة لأعمال محفوظ، للحفاظ على تراثه الأدبي كإرث إنساني». ويضيف «القرملاوي»: «نأمل في تقديم روايات محفوظ، وهي خالية من الأخطاء، من خلال مراجعتها، في ضوء الأصول التي قدمها محفوظ لناشريه، أو للصحف والمجلات التي تولت نشرها، وفي حال تعذر ذلك، سنعتمد الطبعات الأولى التي راجعها بنفسه».

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى