أخبار وتقارير

للطلاب المقبلين على دراسة الطب في الجامعات العربية.. إليكم هذه النصائح

مع الاستعدادات المكثفة من الجامعات العربية للعام الدراسي المقبل، وفيما تواصل بلدان عدة استكمال إجراءات التنسيق الجامعي، يوشك العديد من خريجي الثانوية العامة المتفوقين على الانضمام إلى واحدة من أكثر من 250 كلية طب في العالم العربي.

وفي محاولة من «الفنار للإعلام» لدعم طلابنا الناجحين، نقدم في السطور التالية قائمة من النصائح للمقبلين على دراسة الطب، وذلك من واقع خبرة وتجربة اثنين من الأطباء العراقيين الناجحين على المستوى الدولي، وهما: أسامة شكر محمد أمين، استشاري طب الأعصاب وزميل كليات الأطباء الملكية (لندن، وأدنبره، وغلاسكو، ودبلن)، وهو أستاذ مساعد مشارك سابق في طب الأعصاب بالجامعة الطبية الدولية في كوالالمبور. وكان قد درّس في العراق وآيرلندا وبريطانيا وماليزيا. ويشاركه في تقديم هذه النصائح، الدكتور محمد محمد، والذي يعمل كرئيس للمقيمين في برنامج الإقامة في الطب الباطني في جامعة بافالو – في إحدى مستشفيات النظام الصحي الكاثوليكي، بالولايات المتحدة الأمريكية.

في البداية، يقول «أمين» إن السنة الأولى في كلية الطب تكاد تكون مشابهة لمواد السنة الأخيرة في المدرسة الثانوية، ولكن باللغة الإنجليزية. ويخاطب الطلاب قائلًا: «لا تُصابوا بالذعر! لا تُصدموا في السنة الأولى. قد يشعر البعض بالضيق والخوف والندم على الالتحاق بكلية الطب. قد يفكر آخرون في الانتقال إلى كلية أخرى. أود أن أقول لهؤلاء: تحلوا بالصبر لمدة عام، وستجدون أن معظم الأمور ستكون رائعة وجميلة قريبًا».

أسباب اختيار دراسة الطب

وتقف أسباب عدة خلف اختيار كثير من الطلاب العرب دراسة الطب. وعن ذلك، يقول استشاري طب الأعصاب إن من أبرز هذه الأسباب كون الطب شهادة مرموقة، ومطلوبة في سوق العمل في جميع أنحاء العالم. وقد يختار آخرون دراسة الطب لأنهم يرون فيه وسيلة مضمونة لتأمين وظيفة مدى الحياة، وفق قوله.

وتنعكس هذه الفكرة في أعداد كليات الطب في العالم العربي، حيث يمتلك السودان وحده 66 كلية طب، تليه المملكة العربية السعودية بـ 34 كلية، وفقًا لمصادر عبر الإنترنت. فيما تمتلك مصر 28 كلية طب، والعراق 23، والجزائر 15، والصومال 13 كلية.

«قد يشعر بعض الطلاب الجدد بالضيق والخوف والندم على التحاقهم بكلية الطب. أود أن أقول لهؤلاء: تحلوا بالصبر لمدة عام، وستجدون أن معظم الأمور ستكون رائعة وجميلة قريبًا».

أسامة شُكر محمد أمين الأستاذ المساعد المشارك السابق لطب الأعصاب في الجامعة الطبية الدولية – ماليزيا.

كما توجد 10 كليات طب في كلٍ من ليبيا والمغرب، تليهما سوريا واليمن بتسع كليات في كلٍ منهما، ولبنان وفلسطين والإمارات العربية المتحدة بسبع كليات في كل بلد. وفي الأردن، هناك ست كليات طب، فضلًا عن أربع كليات طب في تونس، وثلاث في كل من البحرين وسلطنة عُمان، واثنتين في قطر، وواحدة في كل من جيبوتي والكويت وموريتانيا.

تدرب هذه الكليات الطلاب في الطب العام، والجراحة العامة لمدة ست سنوات، وخمس سنوات في بلدان معينة. ومع ذلك، يحتاج الخريج إلى قضاء ثلاث إلى سبع سنوات في برنامج الإقامة بعد ذلك.

ضغوط عائلية

وبينما يختار بعض الطلاب دراسة الطب بدافع الشغف، يتعرض آخرون لضغوط من أسرهم للقيام بذلك، خاصة إذا ما حصلوا على درجاتٍ عالية في امتحانات التخرج من الثانوية العامة. وكان الدكتور «أمين» من ضمن الفئة الأخيرة، حيث التحق بكلية الطب بجامعة بغداد بعد حصوله على 98% في امتحان الثانوية العامة.

وعن تجربته تلك، يقول استشاري طب الأعصاب إنه أراد دراسة هندسة الكمبيوتر، غير أن أسرته أبلغته بحاجته إلى دراسة الطب. ويضيف: «لم تعجبني الكلية في البداية. شعرتُ بالغربة والبعد عن الموضوع. لكن بحلول العامين الثاني والثالث بدأت أحب الطب. حلمتُ أن أصبح اختصاصيًا في الطب الباطني. لا يعرف المرء ما يريده الله له. يجب أن تدرك ما يخدم أهدافك بشكل أفضل، وتعمل بجد. إذا كان هذا يؤلمك نفسيا أو اجتماعيا، يمكنك تغيير مهنتك».

ومن جانبه، ينصح «محمد»، الشغوف بالطب منذ البداية، الطلاب بالبقاء منفتحين على إمكانية تغيير تخصصهم. ويقول: «لا تحدد نفسك بهدفٍ محدد مسبقًا. استمر في استكشاف جميع التخصصات. من الطبيعي أن تشعر برغبة في تغيير رأيك». ويتفق الطبيبان على ضرورة إدراك الطلاب الجدد أن دراسة الطب مسارٌ صعب.

ويشجع «محمد» الطلاب على البحث عن موارد دراسية أخرى، خارج المناهج، للمساعدة في فهم موضوعاتهم، بطريقة تناسب طريقتهم المفضلة في التعلم. وبدوره، يرى «أمين» أن على الطلاب الاستعداد لحضور المحاضرات، والدروس العملية بشكلٍ مكثف. ويوضح: «تتطلب كلية الطب ساعاتٍ طويلة من الدراسة والحضور. عليك أن تكون مجتهدًا وأن تضحي أحيانًا بوقت فراغك وتسكعك مع الأصدقاء».

اللغة والمال

ولأن الإنجليزية هي لغة التدريس في معظم كليات الطب العربية، يدعو «أمين» الطلاب الجدد إلى أن يبذلوا قصارى جهدهم لإتقان اللغة الإنجليزية. ولا تغيب تكلفة الدراسة عن قائمة التحديات، فبينما توفر كليات الطب الحكومية تعليمًا مجانيًا في معظم الدول العربية، إلا أن الدراسة في جامعة خاصة قد تكون باهظة الثمن.

«لا تحدد نفسك بهدفٍ محدد مسبقًا. استمر في استكشاف جميع التخصصات. من الطبيعي أن تشعر برغبة في تغيير رأيك».

محمد محمد رئيس المقيمين في برنامج الإقامة في الطب الباطني في جامعة بافالو – الولايات المتحدة.

وعن ذلك، يقول استشاري طب الأعصاب إن العديد من الطلاب يعتبرون دراسة الطب استثمارًا لكسب الكثير من المال والتمتع بحياة جيدة. ويستطرد أن من حق الإنسان الطبيعي أن يفكر في الآفاق المادية والأسرة، فهذا ليس سيئًا ولا حرامًا،  ومع ذلك، لا ينبغي أن يضع الطلاب الجدد هذا الأمر في الاعتبار منذ السنة الأولى. ويضيف: «أقول دائمًا إن الطبيب بائعٌ للصحة. أنت تقدم الرعاية الصحية مقابل المال. ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا هدفك الأول».

الصفات الشخصية للطبيب

وبعبارة حاسمة، يعتقد «أمين» أن الانطوائيين ليسوا مرشحين جيدين لممارسة الطب. ويوضح أن الطب يتطلب مهارات شخصية جيدة، وعلاقات شخصية.ويشير إلى أن الطلاقة والتواصل الاجتماعي من أهم الخصال الواجب توافرها في الأطباء، حيث يجب أن يكونوا اجتماعيين ومنفتحين على التحدث مع الآخرين لأن العمل الجماعي هو الروتين في حياة الطبيب، بحسب تعبيره. كما ينصح الطلاب بأن يكونوا منفتحين وحساسين ثقافيًا عند التعامل مع زملاء العمل والمرضى من خلفيات اجتماعية وعرقية ودينية مختلفة.

كما يحذر من خطورة العجرفة، ويقول للطلاب المقبلين على دراسة وممارسة الطب: «أنت تمنح شهادتك القيمة، وليس العكس. أخلاقك الحميدة وأسلوبك يعطيان قيمة لعملك. يجب أن يعرف الطالب أنه موجود، في النهاية، لخدمة الآخرين وصحتهم». ويؤكد زميل كليات الأطباء الملكية على ضرورة الالتزام بقيمة الاجتهاد، والتعلم مدى الحياة، قائلًا إن البيئة التي تتسم بالمحبة والتعاون، مع التنافس الإيجابي، هي المكان الذي يزدهر فيه الناس.

ما بعد كلية الطب 

حين تنتهي دراستك للطب في الكلية بالحصول على درجة البكالوريوس، لن يكون هذا هو نهاية المطاف، حيث ستحتاج إلى اجتياز امتحانات «البورد» (المؤهلة لنيل رخصة مزاولة المهنة) وقضاء ثلاث إلى سبع سنوات كمقيم في مستشفى تعليمي.

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

ومع احتمال تفضيل بعض الخريجين الجدد المجالات غير السريرية، أو وظيفة في مجال البحث، أو تغيير المهنة، يقول «أمين» إن العديد من الأطباء الناجحين اختاروا وظائف غير طبية في شركات الأدوية، أو الأجهزة الطبية، ويركز آخرون على الأوساط الأكاديمية والبحثية. ويشير إلى أن الأمر يعتمد على التفضيلات الشخصية، وبيئة الفرد، وتوقعاته، وتطلعاته، وفرص الترقية، والدخل. كما يعبر عن اعتقاده في إمكانية تفوق معظم خريجي الطب في وظائف أخرى. ويختم أسامة شُكر محمد أمين، نصائحه مبتسمًا، وهو يقول: «لا تحدد نفسك بالمجال الطبي. أعرف أطباءً يرسمون أو يغنون أو حتى يلتقطون صورًا فوتوغرافية، مثلي. تلعب الجوانب الاجتماعية هنا دورًا كبيرًا».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى