أخبار وتقارير

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: التعليم العالي وسيلة الشباب للوظائف الأفضل

مع تسجيل زيادة واضحة في التحصيل التعليمي خلال العقود الأخيرة، ورغم تقارير عن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف خريجي الجامعات، يؤكد تقرير حديث لـمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، أن التعليم العالي لا يزال مرتبطًا بتحقيق نتائج أفضل في سوق العمل.

بحسب تقرير «التعليم في لمحة 2022: مؤشرات OECD»، الذي نشرته المنظمة، مطلع هذا الشهر، فإن «الحصول على شهادة جامعية لا يزال من أكثر السبل الواعدة لتأمين الحصول على وظيفة جيدة».

ومع ذلك، يشير التقرير إلى وجود بعض المشكلات، بما في ذلك انخفاض معدلات إتمام الدراسة الجامعية، وعدم التوافق المحتمل بين مهارات الخريجين وتلك التي يبحث عنها أصحاب العمل، والحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم الحكومي لمسارات التعليم التي لا تمنح درجاتٍ علمية، ولكنها تؤمّن وظائف جيدة، مثل التعليم المهني والتدريب (VET).

تتناول تقارير «التعليم في لمحة»، الصادرة سنويًا، عن المنظمة، الإنفاق على التعليم، وإمكانية الوصول إلى التعليم ومخرجات التعليم، وتأثير التعليم على الدخل وفرص التوظيف. ويركز تقرير هذا العام على التعليم العالي، ويشمل ذلك الجامعات والكليات ومراكز التدريب الفني، كما يحلل مجموعة من مؤشرات التعليم في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والبالغ عددها 38 دولة، والتي تعد في الأساس اقتصادات صناعية متقدمة، فضلًا عن سبع دول إضافية. وتشمل المجموعة الأخيرة، المملكة العربية السعودية، وهي الدولة العربية الوحيدة الممثلة في التقرير.

طفرة في التحصيل التعليمي العالي

في العقدين الماضيين، دفعت حاجة أسواق العمل المتزايدة للمهارات المتقدمة، المزيد من الشباب للحصول على مؤهلات متقدمة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث حصل حوالي 48% من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا، على شهادة جامعية في عام 2021، مقارنة بـ 27% فقط في عام 2000، بحسب التقرير.

«يزداد دخل الفرد مع ارتفاع مستويات التحصيل الجامعي، حيث حصل الخريجون الحاصلون على درجة البكالوريوس على دخل يزيد بمقدار 44% عن دخل خريجي الدراسة الثانوية فقط في عام 2020، بينما حصل حاملو درجة الماجستير أو الدكتوراه على دخل يزيد بمقدار 88%».

أدى هذا الارتفاع في أعداد طلاب التعليم العالي إلى زيادة التنوع في خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، الأمر الذي يتطلب تعليمًا جامعيًا أكثر تنوعًا أيضًا، كما يشير ماتياس كورمان، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في مقدمة التقرير وفي افتتاحية منفصلة.

كتب «كورمان»: «لن تكون نماذج التعليم العالي، التي نجحت عندما كان عددٌ صغير فقط – من خلفياتٍ مرفهة في الغالب – من كل دفعة طلاب يلتحق بالجامعة، كافية، مع حصول أكثر من نصف الشباب على شهادات جامعية. على أنظمة التعليم العالي الاستعداد لتلبية احتياجات الطلاب الباحثين عن مهارات جديدة في مراحل مختلفة من حياتهم المهنية».

وكشف التقرير بأن تحصيل التعليم العالي، الآن، بات الأكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا، فيما يخص أقصى شهادة تعليمية حازها هؤلاء. وإذا ما استمرت الاتجاهات الراهنة، سيكون التعليم العالي المستوى التعليمي الأكثر شيوعًا بين جميع البالغين، في سن العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في غضون بضع سنوات.

وسجلت النساء، على نحوٍ خاص، زيادة ملحوظة في التحصيل الجامعي، حيث تشكل النساء، الآن، غالبية الشباب الحاصلين على درجات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، بنسبة 57%، مقارنة بـ 43% لأقرانهم الذكور في جميع دول المنظمة باستثناء اليابان.

فرص توظيف ودخل أفضل

كما وجد التقرير أن تحقيق تحصيل علمي أكبر يرتبط بتحقيق دخلٍ أفضل، وهذا ينطبق على المستويات الأعلى من التحصيل الجامعي في معظم البلدان. ففي عام 2021، كان متوسط معدل البطالة للأفراد الحاصلين على التعليم العالي 4%، مقارنة بـ 6% لخريجي الدراسة الثانوية، و11% لمن لم يتمّوا دراستهم الثانوية.

«على أنظمة التعليم العالي الاستعداد لتلبية احتياجات الطلاب الباحثين عن مهارات جديدة في مراحل مختلفة من حياتهم المهنية».

وبالمثل، يجني العاملون بدوام كامل من خريجي التعليم العالي في المتوسط، ما يزيد بمقدار 50% عن دخل العمال من خريجي الدراسة الثانوية، وحوالي ضعف ما يحصل عليه العمال الذين لم يكملوا دراستهم الثانوية.

في المتوسط، وفي أنحاء دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حصل العاملون بدوام كامل ممّن حصلوا على دورات قصيرة في التعليم الجامعي على دخلٍ يزيد بمقدار 20% عن خريجي الدراسة الثانوية في عام 2020. وتشمل الدروات الجامعية القصيرة برامج تستمر لمدة عامين أو أكثر، في العادة، وتوفر تدريبًا مرتبطًا بمهنة محددة، يؤهل الخريجين لدخول سوق العمل مباشرة.

كما أشار التقرير إلى أن دخل الخريجين الحاصلين على درجة البكالوريوس يزداد بمقدار 44%، بينما يرتفع دخل حاملي درجة الماجستير أو الدكتوراه بمقدار 88%. وبالمثل، يتمتع خريجو التعليم العالي، الحاصلون  على شهادة في الطب، أو طب الأسنان، أو شهادة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، على أعلى مزايا الدخل.

وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تكون معدلات التوظيف الأعلى في صفوف الأفراد الحاصلين على تعليمٍ عالٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، وعلى أدناها بالنسبة لخريجي الآداب والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والصحافة. ومع ذلك، يتمتع خريجو المجالات الأخيرة بمعدلات توظيف أعلى من أقرانهم الذين لم يكملوا تعليمهم العالي.

وكشف التقرير أن تمثيل النساء، وعلى الرغم من مكاسبهن في التحصيل العلمي، لا يزال منخفضًا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لكنهن ممثلات بشكل أكبر من الرجال في مجالات الصحة والرعاية والتعليم في جميع مستويات التعليم العالي.

«مع تغير أسواق العمل، ستكون هذه النُهُج مهمة لوقاية الخريجين الشباب من مواجهة صعوبات في سبيل العثور على وظائف جيدة، حتى مع عدم تمكن أصحاب العمل من العثور على أشخاص تتوافر لديهم المهارات التي يحتاجون إليها».

علاوة على ذلك، أظهرت جائحة كوفيد-19، كما هو الحال في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، أن التعليم أحد أفضل وسائل الحماية من المخاطر الاقتصادية. وكشف التقرير أن البطالة، خلال ذروة الوباء، ارتفعت بشكلٍ أكثر بكثير في صفوف من لم يتمّوا دراستهم الثانوية مقارنة بخريجي التعليم العالي.

وعلى الرغم من مزايا الحصول على شهادة جامعية، يحذر التقرير من أن العديد من طلاب التعليم العالي لا يكملون برامجهم الدراسية. ويقول التقرير: «يتخرج 39% فقط من طلاب البكالوريوس خلال الإطار الزمني المتوقع لبرنامجهم. بعد ثلاث سنوات من الموعد المتوقع لانتهاء البرنامج، ارتفع معدل الإكمال بحدود 68% فقط. كما أن معدلات الإكمال منخفضة بشكل خاص بين الرجال في جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

الانتقال من التعليم إلى العمل

ويفيد التقرير بأن لطول الدراسة وجودتها، وظروف سوق العمل، والبيئة الاقتصادية والسياق الثقافي، تأثير على انتقال الأفراد من التعليم إلى العمل. ففي عام 2021، جمع حوالي ثلث طلاب دول المنظمة ما بين تعليمهم أو تدريبهم، وشكل من أشكال التوظيف.

وفي عدد قليل من البلدان (مثل ألمانيا وسويسرا)، تميل هذه العمالة إلى الارتباط ببرامج الدراسة، بينما تكون وظائف الطلاب، في معظم البلدان الأخرى، في الغالب، غير مرتبطة بالمنهج الدراسي.

وعندما تكون ظروف سوق العمل غير مواتية، يتحفز الشباب للبقاء في التعليم لفترة أطول، لأن معدلات البطالة المرتفعة تقلل من تكاليف الفرصة البديلة للتعليم، ويكون في إمكانهم تطوير مهاراتهم ريثما يتحسن الوضع.

وبهدف تحسين الانتقال من التعليم إلى العمل، بغض النظر عن المناخ الاقتصادي، يشير التقرير إلى أن من واجب أنظمة التعليم ضمان تمتع الأفراد بالمهارات اللازمة لسوق العمل. كما يوصي بتوفير الدعم الحكومي لأصحاب العمل المحتملين، من خلال خلق حوافز لتوظيف الشباب. ويقول: «يمكن أن يكون لعدم الحصول على وظيفة عواقب طويلة الأمد، خاصة عندما يعاني الناس من فترات طويلة من البطالة، أو الخمول ويصابون بالإحباط».

مهارات سوق العمل الناشئة

نظرًا لحاجة الاقتصادات الحديثة إلى عمالٍ ذوي مهارات عالية، تزداد صعوبة إيجاد فرص عمل للبالغين ذوي المؤهلات المنخفضة.

وفي السنوات القادمة، سيواجه العمال غير المهرة مخاطر بطالة أكبر، حيث يعمل الكثير منهم في وظائف يمكن أتمتتها (حلول الآلة محلهم) قريبًا. ويوضح التقرير أن التقديرات تشير إلى أن 14% من الوظائف الحالية قد تختفي نتيجة الأتمتة في غضون الـ 15-20 سنة القادمة، ومن المرجح أن تتغير 32% أخرى بشكل جذري مع أتمتة المهام الفردية.

ويوصي التقرير بوجوب استجابة أنظمة التعليم لتحديات سوق العمل الحالية والمستقبلية، من خلال استكشاف أنواع المؤهلات التي يطلبها أصحاب العمل، وتوقع إمكانيات تطوّر اقتصادات بلدانهم.

وكتب «كورمان»، في افتتاحيته التحريرية: «تقدم المؤهلات الصغيرة نهجًا واعدًا من شأنه أن يمنح الطلاب حرية أكبر في اختيار ما يتعلمونه، وكيفية ومكان تعلمهم. مع تغير أسواق العمل، ستكون هذه النهج مهمة لوقاية الخريجين الشباب من مواجهة صعوبات في سبيل العثور على وظائف جيدة، حتى مع عدم تمكن أصحاب العمل من العثور على أشخاص تتوافر لديهم المهارات التي يحتاجون إليها».

ويلاحظ «كورمان»، بقلق، أن «الزيادة العامة في التحصيل الجامعي، ربما دفعت أرباب العمل إلى توقع الحصول على درجة جامعية باعتبارها المعيار الطبيعي الجديد»، حتى بالنسبة للوظائف التي لا تتطلب عادةً درجة علمية. ويرى الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن برامج التعليم الثانوي المهني هي القادرة على منافسة التعليم العالي من حيث الجودة ونتائج سوق العمل، لكنها تظل نادرة، بحسب تعبيره.

ويشرح الأمر أكثر بالقول: «يتطلب جعل التعليم والتدريب المهني الخيار الأول، وليس الملاذ الأخير، للطلاب، إيجاد روابط جديدة بين التعليم والتدريب المهني الثانوي من جهة، والتعليم العالي المهني من جهة أخرى لمنح خريجي التعليم المهني الفرصة للحصول على مؤهلات إضافية في مرحلة لاحقة».

اقرأ أيضًا:

ابحث عن أحدث المنح الدراسية عبر موقعنا من هنا، وشاركنا النقاش عبر مجموعتنا على «فيسبوك» من هنا، وللمزيد من المنح، والقصص، والأخبار، سارع بالاشتراك في نشرتنا البريدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى