أخبار وتقارير

الأكاديمية والتشكيلية اللبنانية ديما رعد لـ«الفنار للإعلام»: أدعم روح التجريب لدى طلابي.. والدراسة وحدها لا تنتج فنانًا

من واقع تجربتها بين العمل الأكاديمي، والممارسة الفنية، ترى الأكاديمية والتشكيلية اللبنانية ديما رعد أن دراسة الفنون بالجامعات لا تكفي بحد ذاتها لإخراج فنانين. وتقول في مقابلة مع «الفنار للإعلام» إن الطلاب بحاجة إلى تنمية مهاراتهم، عبر التثقيف الذاتي، حتى يتمكنوا من بلورة رؤاهم الفنية الخاصة.

نظمت «رعد»، التي تترأس قسم الفنون التشكيلية بكلية الفنون الجميلة والعمارة بالجامعة اللبنانية، بين السابع عشر من آذار/مارس، وحتى التاسع من نيسان/أبريل، معرضًا بعنوان: «وجوه متتالية» في بيروت، ضم أكثر من عشرين لوحة بأحجام كبيرة. وفي المقابلة التي جرت على هامش فعاليات المعرض الأخير، تعبر الأكاديمية اللبنانية عن اعتقادها بأن كل رسام «ليس بالضرورة فنانًا». وتوضح أن الدراسة والتعلم في الكليات المتخصصة في الفنون «لا تعني أو تضمن تخريج فنان حقيقي».

وتضيف أنها تحتفظ بقناعة، على مدار سنوات عملها في تدريس الفن بالجامعة اللبنانية، بضرورة اجتماع الرؤية والموهبة لدى الطالب، إلى جانب التعلم الأكاديمي. وتقول: «ما أكثر الرسامين وما أقل الفنانين».

وردًا على سؤال حول ما يقدمه قسم الفنون التشكيلية بالجامعة اللبنانية للطلاب، تشير إلى أن الدارسين يتلقون العديد من المواد النظرية والعملية المتنوعة، ومنها: التشريح، ودراسة الأبعاد، وتاريخ الفن النظري، لكن يظل هناك عامل رئيسي يُفرّق بين مستويات الطلاب؛ وهو حرصهم على التثقيف الذاتي، لمتابعة جديد ما وصلت إليه مدارس الفن، عندها فقط يستطيع أي طالب إيجاد زاويته الخاصة، ويمتلك القدرة على التجديد، بحسب تعبيرها.

«الإنترنت يتيح، اليوم، فرصة كبيرة للتقارب والاطلاع على التجارب الأحدث في عالم الفن، وهي ميزة لم تكن متوفرة للأجيال السابقة. والتعلم عبر الإنترنت صار داعمًا بشكل كبير للجيل الجديد من طلبة الفن».

ديما رعد
أكاديمية وفنانة تشكيلية لبنانية

إلى جانب الدراسة النظرية، وتناول تاريخ الفن، هل تشمل البرامج التعليمية بالقسم، الإضاءة على الفنون المعاصرة؟ تجيبنا ديما رعد بالقول إن الدراسة الجامعية تركز على الأصول التقليدية بشكل أكبر. وتقول إنهم، في كلية الفنون الجميلة والعمارة بالجامعة اللبنانية، يدعمون متابعة الطلاب لشغفهم بالفن، عبر البحث والاطلاع على التجارب الجديدة والعالمية. وتتابع: «هذا ما كان يدعمه أساتذتنا في تعليمهم لنا؛ دعم البحث والاطلاع، وأقوم خلال عملي الأكاديمي بدعم اتجاه الطلاب للبحث، وإعلاء روح التجريب».

كما تشير إلى أن الإنترنت يتيح، اليوم، فرصة كبيرة للتقارب والاطلاع على التجارب الأحدث في عالم الفن، وهي ميزة لم تكن متوفرة للأجيال السابقة، بحسب قولها. وتضيف أن التعلم عبر الإنترنت «صار داعمًا بشكل كبير للجيل الجديد من طلبة الفن».

وجوه متتالية

من الجانب الأكاديمي، إلى الممارسة العملية، تتحدث الفنانة التشكيلية ديما رعد عن معرضها «وجوه متتالية»، فتقول إن الوجوه التي حملتها لوحات المعرض، ليست نسيجًا من الخيال، بل هي ومضات، وبقايا ملامح عبرت إلى مخيلتها من جراء العديد من الأحداث التي مرت بها. وتضيف أن الوجه، بالنسبة لها، مخزن كل انفعالات الإنسان؛ فكل المشاعر ترتكز بالوجه، لذلك فالوجوه «مصدر إلهام لا نهائي للفن، وهي أول حروف التعبير، والمركز الأساسي لانطلاق أدوات الجسد والتفكير».

وتلخص رؤيتها الفنية، بالقول إن الوجوه لديها تحمل حالة ورحلة طويلة؛ ففي أعمال سابقة لها، كانت تهتم بالاشتغال الفني على الثنائيات كالرجل والمرأة، ثم وجدت أنها تنهل من الوجوه التي ترسّبت في الذاكرة. وتوضح: «أذكر أنني في عام 2006، عقب حرب تموز/يوليو، وقصف لبنان، أقمت معرضًا في فرنسا انفعالًا بالحرب، وظهرت في لوحاته وجوه مستوحاة من ساحات الحرب والدمار آنذاك، وكأن رسومي صارت مكانًا أتذكر فيه وجوه الحرب».

معرض وجوه متتالية

ورغم مرور سنوات على تلك التجربة، إلا أن التحديات الكبيرة التي يواجهها اللبنانيون ما زالت قائمة في أحداث وأزمات عدة، مثل: «انفجار مرفأ بيروت، وتداعيات جائحة كوفيد-19، والحالة الاقتصادية الصعبة». وتقول: «هذا ما سعيت لالتقاطه وجدانيًا في معرضي الأخير، عبر وجوه تحمل معالم الألم، والحب، والتساؤلات، والمستقبل الحائر».

والوجه الذي برز في معرض ديما رعد، لم تقدمه بمنظور البورتريه التقليدي الذي يتم تدريسه لطلاب السنة الأولى بكليات الفنون بالجامعات، كما تقول، وإنما لجأت إلى توظيف الألوان كوسيلة تعبيرية عن الوجوه.

وتشرح الأمر أكثر بالإشارة إلى إنها لجأت إلى ألوان أكثر جرأة، وثورة، تسودها صرخة في التعبير؛ فالوجه دائمًا متغير. وتوضح أنها سعت إلى الالتقاط السريع لتعابير الوجوه تلك «بشكل يتمحور حول لعبة الألوان، والتأليف، والتوازن، والموضوع؛ فلم يكن في المعرض ثمة فروق حادة بين وجه الرجل والمرأة، حيث بدت الوجوه واحدة؛ تعكس معاناة الإنسان بشكل عام، أيًا كان جنسه». ولذلك، فهي تعتبر معرضها بمثابة «شريط من الوجوه التي تخمرت في رأسي، وخرجت بشكل تلقائي». وبيّنت أنها لجأت إلى الرسم على لوحات كبيرة الحجم، حتى تستطيع «إبراز الوجه بمساحته، وتراوحات حالاته».

«على مدار مشروعي، هناك دائمًا تماس بين الواقع الإنساني اللبناني، والفن الذي أقدمه؛ فاليوميات التي يمر بها لبنان تظهر في انفعالاتي اللونية.

ديما رعد  

مسيرة فنية

خلال مقابلتنا معها، تحدثت الفنانة التشكيلية ديما رعد حول بداياتها مشوارها الفني، وأشارت إلى أن أول معرض فردي لها كان في العام 1993. وعن تلك التجربة تقول: «وقتها، كنت في بداية أعوام ممارستي الفنية، عقب التخرج في الجامعة، وكنت لا أزال متأثرة بالطابع الأكاديمي الصارم في أعمالي، لكن مع الوقت بدأت أضم إلى الملمح والذهن الأكاديمي، ملامح أوسع من التعبير الحر؛ سواء في اختيار الموضوعات، أو التكنيك الفني».

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وتقول إنه على مدار مشروعها، يوجد دائمًا تماس بين الواقع الإنساني اللبناني، والفن الذي تقدمه؛ فاليوميات التي يمر بها لبنان تظهر في انفعالاتها اللونية، بحسب تعبيرها. وتوضح أنها، إلى جانب ارتباطها بالشأن اللبناني في أعمالها الفنية، فهي تسعى دومًا إلى «خلق مساحات من التحرر من النمط، والاتجاه لمزيد من التجريب الفني، وهذا يظهر في اختياراتي اللونية على سبيل المثال». وتختم أن التجريب، بما فيه التجريب في تكنيك اللون «بحاجة إلى خبرة في التعامل مع اللون وتفاعلاته».

اقرأ أيضًا:

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى